تفسير سورة "يس" بالكامل
القرآن الكريم وما يتعلق به
زهرة الجنة غير متواجد حالياً
افتراضي تفسير سورة "يس" بالكامل -
تفسير سورة "يس" بالكامل
سورة يس.............مكية
ترتبيها 36
آياتها 83
((يس)).
الله أعلم بمعاني هذه الحروف المقطعة مع علمنا أن لها معاني جليلة.
((وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ)).
أقسم الله تعالى بالقرآن الذي أحكم ألفاظه ومعانيه وشرفه بما فيه من الحكمة والأحكام والبراهين.
((إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)).
إنك -أيها النبي محمد- لمن المرسلين بوحي من الله إلى عباده.
((عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)).
وأنت -أيها النبي- على طريق قويم وصراط مستقيم لا اعوجاج فيه؛ وهو طريق الإسلام.
((تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ)).
هذا القرآن أنزله الله العزيز في ملكه وحكمه الذي يقهر من غالبه ويخذل من حاربه والذي ينتقم ممن عاداه، الرحيم بمن تاب إليه ووالاه.
((لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ)).
أنزل الله القرآن إليك -أيها النبي- لتخوف به الكفار الذين لم يسبق لآبائهم الأقدمين أن جاءهم منذر من عند الله يخوفهم عقابه، فهم لاهون ساهون عن الإيمان والعمل الصالح، وكل طائفة أو جماعة تفقد الدعوة إلى الله تقع في الغفلة، فواجب على العلماء بالله والدعاة إلى سبيله تذكير الناس وتعليمهم ووعظهم.
((لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)).
لقد أوجب الله العذاب على أكثر الكفار بعد أن قامت عليهم الحجة ووضحت لهم المحجة، فهم لم يذعنوا للحق ولم يقبلوا الصدق، وإنما كفروا بالله وكذبوا رسوله صلى الله عليه وسلم.
((إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ)).
إن الله جعل هؤلاء الكفار الذين ردوا ما بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم وعاندوا الحق كمن جعل في أعناقهم أغلالٌ فجمعت أيديهم مع أعناقهم تحت أذقانهم، فرفعوا رؤوسهم إلى السماء، هؤلاء الكفار غل الله أيديهم عن كل خير، وأعمى الله بصائرهم عن كل رشد، فلا يفعلون خيراً ولا يبصرون حقاً.
((وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ)).
وجعل الله من أمام الكفار سداً من الظلمات، ومن ورائهم سداً؛ فمثلهم كمثل من حجب بسد من أمامه ومن خلفه فلا يبصر شيئاً ولا يهتدي لسبيل، قد أعمى الله أبصارهم وطمس بصائرهم، وكل عدو للإسلام واقع في هذه العقوبة بلا شك، فتجده حائراً متردداً ضالاً.
((وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)).
والأمر سيان عند أهل الكفر والطغيان، تخويفك إياهم -أيها النبي- بالعذاب وعدم تخويفك فلن يؤمنوا ولن يستجيبوا.
((إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ)).
إنما ينفع تخويفك -أيها النبي- من آمن بكتاب الله واتبعه وعمل بما فيه وخاف الرحمن وهو لم يره، وراقبه حيث لا يراه الناس، فبشر من هذا فعله بمغفرة تمحو ذنوبه وثواب عظيم على حسناته بالفوز برضوان الله ودخول جنته.
((إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ)).
إن الله يحيي الموتى ويبعثهم من قبورهم للحساب، ويكتب ما عملوا من حسن وسيئ، ويكتب لهم ثواب ما تسببوا فيه من خير كالعلم النافع والولد الصالح والصدقة الجارية، ويكتب عقاب ما تسببوا فيه من شر كالكفر والبدعة والذنوب، وكل شيء من صلاح وفساد قد سطره الله في اللوح المحفوظ ببيان ووضوح، فليخف العبد ربه وليخش ذنبه وليعلم أن أقواله وأفعاله محصاة عليه.
((وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ)).
واضرب -أيها النبي- للكفار الذين كذبوك مثلاً يتفكرون فيه، وهو خبر أهل قرية حين أرسل الله إليهم رسلاً يدعونهم إلى عبادة الله وحده وينهونهم عن الإشراك به.
((إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ)).
إذ أرسل الله إلى أهل القرية رسولين يدعونهم لإفراد الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه، فكذب أهل القرية الرسولين، فأيد الله الرسولين وقواهما برسول ثالث، فأخبر الثلاثة أهل القرية أن الله أرسلهم إليهم بدعوة التوحيد.
((قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ)).
فرد أهل القرية على الرسل وقالوا لهم: ما أنتم إلا أناس مثلنا ولا فضل لكم علينا، والله لم ينزل وحياً على أحد من الناس، وأنتم -أيها الرسل- تكذبون على الله، صان الله رسله عليهم السلام عن هذا البهتان.
((قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ)).
قال الرسل لقومهم: الله ربنا الذي أرسلنا يعلم إنا إليكم لمرسلون، ولم نكذب على الله ولم ندع ذلك من أنفسنا.
((وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)).
والواجب علينا تبليغ رسالة الله بالبيان التام، وهذا عملنا، أما هدايتكم فعلى الله إذا شاء وليست علينا.
((قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ)).
فرد أهل القرية على الرسل قائلين: إنا متشائمون منكم ومما جئتم به، لئن لم تتركوا دعوتنا وإنذارنا لنرمينكم بالحجارة حتى نقتلكم، ولينالنكم منا عذاب شديد موجع.
((قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ)).
قال الرسل لقومهم: شؤمكم أنتم من أنفسكم ومن أعمالكم القبيحة كالشرك والمعاصي ولا تحيط إلا بكم، إذا نصحتم لما فيه صلاحكم وفلاحكم تشاءمتم منا وتوعدتمونا بالرجم والنكال؟
بل أنتم متجاوزون للحدود في العصيان والطغيان.
((وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)).
وجاء من محل بعيد في المدينة رجل مسرع لما بلغه أن أصحاب القرية عزموا على قتل الرسل والتنكيل بهم، فحذر قومه وقال: يا قومي! صدقوا الرسل واتبعوهم فإنهم على بينة من ربهم.
((اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ)).
اتبعوا يا قومي رسل الله الذين لا يطلبون منكم أجرة على رسالتهم ودعوتهم، وهم على صواب ورشد فيما يدعون إليه من إخلاص العبادة لله والنهي عن الإشراك به، وفي هذا فضل الداعية إلى الله، وأما مرتبة الدعوة إليه سبحانه فهي من أشرف مراتب العبودية.
((وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)).
وماذا يمنعني من عبادة الله وحده وإخلاص الطاعة له وعدم الإشراك به، وهو الذي خلقني وإليه يعود الناس أجمعون.
((أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنقِذُونِ)).
كيف أعبد من دون الله آلهة أخرى من الأصنام والأوثان لا تملك لي نفعاً ولا تدفع عني ضراً، إن يردني الرحمن بسوء فلن تدفع عني الآلهة هذا السوء ولا تنجيني مما أنا فيه.
((إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)).
إني لو اتخذت آلهة من دون الله لفي ضلال بين وخطأ ظاهر وانصراف عن الحق.
((إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ)).
إني آمنت بربكم الله الذي لا إله إلا هو وأخلصت العبادة له، فاستمعوا لما أقول لكم سماع قبول واستجابة، وأطيعوني فيما دعوتكم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له، قلما انتهى من كلامه قاموا إليه فقتلوه فتقبله الله شهيداً وأدخله الجنة.
((قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ)).
قيل له بعدما قتل في سبيل الله من أجل إعلاء كلمته: ادخل الجنة مكرماً في حبور وسرور وقرة عين، قال وهو في الجنة: يا ليت أن قومي يعلمون ما أنا فيه من السعادة والكرامة.
((بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)).
وليتهم يعلمون بأن ربي غفر ذنبي وأكرمني ورفع منزلتي؛ لأني آمنت به وأخلصت العبادة له واتبعت رسله، فلعلهم إذا علموا ذلك أن يستجيبوا لرسل الله فيدخلوا الجنة مثلما دخلتها، فجزاه الله خيراً، ما أنصحه لقومه حياً وميتاً، وهكذا فليكن الداعية يحب الخير للجميع.
((وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ)).
وما استدعى الأمر إنزال جنود من السماء لتقابل هؤلاء الكفار لما كذبوا وقتلوا الداعية إلى الله، فالأمر أيسر من ذلك وهم أهون وأضعف من أن ينزل عليهم جندٌ من السماء، وما كان الله لينزل الملائكة على المكذبين لإهلاكهم بل يبعث عليهم عذاباً يبيدهم به.
((إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ)).
ما كان أخذهم وتدميرهم إلا بصيحة واحدة فإذا هم ميتون لا حركة لهم ولا أثر.
((يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون)).
يا حسرة الناس ويا ندامة العباد يوم العرض الأكبر إذا شاهدوا تلك الأهوال، ما يأتي الناس من رسول من عند الله يدعوهم إلى توحيده إلا سخروا منه واستهزؤوا به.
((أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ)).
ألم يشاهد الكفار فيعتبروا كم من القرون أهلكهم الله ولم يعودوا إلى هذه الحياة الدنيا؟
((وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ)).
وكل هذه القرون التي أهلكها الله والأمم التي أبادها سوف يحضرون كلهم ليوم الحساب ليجازيهم الله على ما فعلوا.
((إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ)).
إذ أرسل الله إلى أهل القرية رسولين يدعونهم لإفراد الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه، فكذب أهل القرية الرسولين، فأيد الله الرسولين وقواهما برسول ثالث، فأخبر الثلاثة أهل القرية أن الله أرسلهم إليهم بدعوة التوحيد.
((قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ)).
فرد أهل القرية على الرسل وقالوا لهم: ما أنتم إلا أناس مثلنا ولا فضل لكم علينا، والله لم ينزل وحياً على أحد من الناس، وأنتم -أيها الرسل- تكذبون على الله، صان الله رسله عليهم السلام عن هذا البهتان.
((قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ)).
قال الرسل لقومهم: الله ربنا الذي أرسلنا يعلم إنا إليكم لمرسلون، ولم نكذب على الله ولم ندع ذلك من أنفسنا.
((وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)).
والواجب علينا تبليغ رسالة الله بالبيان التام، وهذا عملنا، أما هدايتكم فعلى الله إذا شاء وليست علينا.
((قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ)).
فرد أهل القرية على الرسل قائلين: إنا متشائمون منكم ومما جئتم به، لئن لم تتركوا دعوتنا وإنذارنا لنرمينكم بالحجارة حتى نقتلكم، ولينالنكم منا عذاب شديد موجع.
((قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ)).
قال الرسل لقومهم: شؤمكم أنتم من أنفسكم ومن أعمالكم القبيحة كالشرك والمعاصي ولا تحيط إلا بكم، إذا نصحتم لما فيه صلاحكم وفلاحكم تشاءمتم منا وتوعدتمونا بالرجم والنكال؟
بل أنتم متجاوزون للحدود في العصيان والطغيان.
((وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)).
وجاء من محل بعيد في المدينة رجل مسرع لما بلغه أن أصحاب القرية عزموا على قتل الرسل والتنكيل بهم، فحذر قومه وقال: يا قومي! صدقوا الرسل واتبعوهم فإنهم على بينة من ربهم.
((اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ)).
اتبعوا يا قومي رسل الله الذين لا يطلبون منكم أجرة على رسالتهم ودعوتهم، وهم على صواب ورشد فيما يدعون إليه من إخلاص العبادة لله والنهي عن الإشراك به، وفي هذا فضل الداعية إلى الله، وأما مرتبة الدعوة إليه سبحانه فهي من أشرف مراتب العبودية.
((وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)).
وماذا يمنعني من عبادة الله وحده وإخلاص الطاعة له وعدم الإشراك به، وهو الذي خلقني وإليه يعود الناس أجمعون.
((أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنقِذُونِ)).
كيف أعبد من دون الله آلهة أخرى من الأصنام والأوثان لا تملك لي نفعاً ولا تدفع عني ضراً، إن يردني الرحمن بسوء فلن تدفع عني الآلهة هذا السوء ولا تنجيني مما أنا فيه.
((إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)).
إني لو اتخذت آلهة من دون الله لفي ضلال بين وخطأ ظاهر وانصراف عن الحق.
((إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ)).
إني آمنت بربكم الله الذي لا إله إلا هو وأخلصت العبادة له، فاستمعوا لما أقول لكم سماع قبول واستجابة، وأطيعوني فيما دعوتكم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له، قلما انتهى من كلامه قاموا إليه فقتلوه فتقبله الله شهيداً وأدخله الجنة.
((قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ)).
قيل له بعدما قتل في سبيل الله من أجل إعلاء كلمته: ادخل الجنة مكرماً في حبور وسرور وقرة عين، قال وهو في الجنة: يا ليت أن قومي يعلمون ما أنا فيه من السعادة والكرامة.
((بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)).
وليتهم يعلمون بأن ربي غفر ذنبي وأكرمني ورفع منزلتي؛ لأني آمنت به وأخلصت العبادة له واتبعت رسله، فلعلهم إذا علموا ذلك أن يستجيبوا لرسل الله فيدخلوا الجنة مثلما دخلتها، فجزاه الله خيراً، ما أنصحه لقومه حياً وميتاً، وهكذا فليكن الداعية يحب الخير للجميع.
((وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ)).
وما استدعى الأمر إنزال جنود من السماء لتقابل هؤلاء الكفار لما كذبوا وقتلوا الداعية إلى الله، فالأمر أيسر من ذلك وهم أهون وأضعف من أن ينزل عليهم جندٌ من السماء، وما كان الله لينزل الملائكة على المكذبين لإهلاكهم بل يبعث عليهم عذاباً يبيدهم به.
((إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ)).
ما كان أخذهم وتدميرهم إلا بصيحة واحدة فإذا هم ميتون لا حركة لهم ولا أثر.
((يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون)).
يا حسرة الناس ويا ندامة العباد يوم العرض الأكبر إذا شاهدوا تلك الأهوال، ما يأتي الناس من رسول من عند الله يدعوهم إلى توحيده إلا سخروا منه واستهزؤوا به.
((أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ)).
ألم يشاهد الكفار فيعتبروا كم من القرون أهلكهم الله ولم يعودوا إلى هذه الحياة الدنيا؟
((وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ)).
وكل هذه القرون التي أهلكها الله والأمم التي أبادها سوف يحضرون كلهم ليوم الحساب ليجازيهم الله على ما فعلوا.
((وَآيَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ)).
وبرهان لهؤلاء الكفار على قدرة الله على إحياء الموتى: هذه الأرض الجدباء اليابسة التي لا نبت فيها، يحييها الله بالنبات الأخضر بعد إنزال الماء من السماء عليها، فيخرج من الأرض بالماء أنواع الثمار والحبوب، يأكل منها الإنسان والحيوان، ومن أحيا الأرض بالنبات أحيا الخلق بعد الممات.
((وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ)).
وجعل الله في الأرض بساتين خضراء وحدائق غناء من نخيل وأعناب، وفجر فيها من عيون الماء ما يسقيها.
((لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ)).
والله خلق ذلك كله ليأكل الناس من ثمره ويستعينوا بها على شكره، وهذا رحمة منه سبحانه وفضل منه لا بسبب سعي الناس ولا بحولهم ولا بقوتهم ولا بكدهم، فلماذا لا يشكرون الله على نعمه بطاعته وإخلاص العبادة له وعدم الإشراك به، وشكر المنعم واجب والمنعم حقيقة هو الله وحده.
((سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ)).
تنزه الله الماجد وتقدس الله العظيم وتبارك اسمه الذي خلق الأنواع والأصناف جميعها من الأشجار والثمار والحبوب ومن الناس ذكورا وإناثا، ومما لا يعلم الناس من سائر المخلوقات ومختلف أنواع الكائنات، فلما انفرد الله بالخلق استحق أن يعبد وحده لا يشرك به شيء.
((وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ)).
وبرهان للكفار على قدرة الواحد القهار: آية الليل كيف ينزع الله منه النهار بغروب الشمس فإذا الناس في ظلمة حالكة.
((وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)).
وبرهان للكفار على قدرة الواحد القهار: هذه الشمس تسعى إلى مستقر قدره الله لها فلا تتعداه ولا تقف دونه، هذا التقدير والتوقيت هو من حكمة العزيز الذي يعز من والاه ويذل من عاداه، عزيز لا يغالب، وهو العليم الذي يقدر الأشياء بعلم وحكمة.
((وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ)).
ومن البراهين الدالة على قدرة الواحد القهار: هذا القمر؛ قدر الله سيره منازل ينزلها كل ليلة، يبدأ هلالاً ثم يكبر شيئاً فشيئاً حتى يصبح بدراً منيراً مستديراً، ثم يعود شيئاً فشيئاً حتى يصغر مثل عذق النخلة المنحني في الرقة والضعف والصفرة بجفافه ويبسه.
((لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)).
لا يمكن للشمس أن تلحق بالقمر فتمحو نوره؛ لأن لها مجرى غير مجراه ومنازل غير منازله؛ فهي تسير بتوقيت من الله محدد والقمر كذلك، ولا يمكن لليل أن يسبق النهار فيدخل عليه قبل أن ينتهي وقته وتكتمل ساعاته، فوقت النهار معلوم محدد يزيد وينقص بحساب من الله، وكذلك الليل، وكل من الشمس والقمر والنجوم والكواكب في مدارات معلومة تجري لا تصطدم ببعضها، قد علم الله مسارها وقدر منازلها جل في علاه.
((وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ)).
وبرهان لهم على تفرد الله بالربوبية والألوهية واستحقاقه للعبودية، أنه سبحانه حمل من نجى من ولد آدم في سفينة نوح المملوءة بأصناف المخلوقات؛ ليبقى نوع الخلق بعد الطوفان، فحمايتهم من الغرق وهدايتهم للإيمان فضل من الله تعالى.
((وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ)).
وخلق الله للبشر مثل سفينة نوح كثيراً من السفن والمراكب لنقلهم وحمل أرزاقهم وتسهيل أسفارهم.
((وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنقَذُونَ)).
وإذا أراد الله أغرق السفن بمن عليها، فلا يجدون منقذاً لهم من الغرق ولا منجداً لهم من الهلاك ولا هم ينجون بأنفسهم.
((إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ)).
إلا أن يرحمهم الله فيحميهم من الغرق والهلاك ويمتعهم بنعمه إلى وقت محدد هو انتهاء أعمالهم لعلهم يتوبون ويؤمنون.
((وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)).
وإذا قيل للكفار: خافوا عذاب الآخرة بالإيمان والعمل الصالح واحذروا تقلبات الدنيا ومصائبها لعل الله أن يرحمكم بصرف العذاب عنكم، حينها يعرضون ولا يستجيبون.
((وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ)).
وما يجيء هؤلاء الكفار من برهان واضح من عند الله يدلهم على الحق ويبين لهم الرشد إلا أهملوا النظر فيه وغفلوا عنه.
((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)).
وإذا قيل للكفار: أنفقوا مما تفضل الله به عليكم من النعم ردوا على المؤمنين معاندين: كيف نطعم أناساً لو أراد الله أن يطعمهم أطعمهم وهم خلقه وهو غني؟
ما أنتم -أيها المؤمنون- إلا في بعد عن الحق وذهاب عن الرشد لأمركم لنا بذلك
((وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ)).
ويقول الكفار مستبعدين منكرين: متى تقوم القيامة إن كنتم -أيها المؤمنون- صادقين في قولكم بقيامها فأخبرونا بوقتها؟
((مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ)).
ما ينتظر الكفار الذين يستبعدون القيامة إلا نفخة الهول الأكبر عند قيام الساعة فتهلكهم على غرة وهم يختصمون في أمور الدنيا.
((فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ)).
فلا يستطيع الكفار عند النفخ في الصور أن يوصوا ذريتهم وقرابتهم بشيء لضيق الزمان وهول الواقعة، ولا يستطيعون العودة إلى أسرهم في بيوتهم، بل يدركهم الموت وهم في طرقاتهم وأسواقهم.
((وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ)).
ونفخ الملك في القرن النفخة الثانية فعادت الأرواح إلى الأجساد، وقاموا من قبورهم إلى موقف الحشر مسرعين. ((قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ)).
قال الكفار وقد أصابتهم الحسرة والندامة: يا خيبتنا ويا هلاكنا، ما الذي أخرجنا من قبورنا؟
فيقال لهم: هذا ما سبق أن وعد به الرحمن الذي لا يخلف الميعاد، وسبق أن أخبر به الرسل، وقد صدقوا فيما أخبروا.
((إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ)).
ما احتاج بعث الناس من القبور إلا إلى نفخة واحدة في القرن، فإذا كل البشر واقفون للجزاء والسؤال.
((فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)).
في هذا اليوم يكون الجزاء بالعدل، ولا تظلم نفس بنقص الحسنات ولا بزيادة السيئات، ولا يقع الجزاء إلا بما عمل العبد أو كان سبباً في هذا العمل من خير أو شر.
((إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ)).
إن أهل الجنة مشغولون عن غيرهم بالتنعم بألذ عيش وأجل نعمة وأتم سعادة، وهم مسرورون في قرة عين وأمن وبهجة وحبور.
((هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ)).
أهل الجنة يتنعمون هم وزوجاتهم تحت ظلال وارفة على أسرة جميلة مريحة.
((لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ)).
لأصحاب الجنة في الجنة أصناف الفواكه الشهية من كل نوع، ولهم فيها كل ما يشتهون ويسألون من سائر الطيبات.
((سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ)).
ولهم فوز أعظم وكرامة أجل حين يكلمهم الرحمن الرحيم، فيحييهم بالسلام عليهم من الله الذي أنعم عليهم ورحمهم وصرف عنهم العذاب، فيا قرة عيونهم.
((وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ)).
ويقال للكفار في يوم الحشر: انفصلوا عن المؤمنين ولا تختلطوا بهم، فلكم حال ولهم حال.
((أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)).
ويقول الله لمن كفر من عباده يلومهم ويبكتهم: ألم أوجب عليكم لما أنزلت من كتبي على رسلي ألا تعبدوا الشيطان ولا تطيعوه؟
إنه عدو لكم بين العداوة شديد البغض.
((وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)).
وأوجبت عليكم توحيدي وإفرادي بالعبودية وإخلاص الطاعة لي، وهذا هو الطريق القويم والصراط المستقيم الموصل إلى رضوان الله وجنته.
((وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ)).
ولقد أغوى الشيطان عن الإيمان بشراً كثيراً، أفما كان لهم من عقول يفكرون بها وتنهاهم عن الغواية.
((هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)).
هذه النار الموقدة أمامكم التي سبق أن وعدتم بها في الدنيا إذا كفرتم وكذبتم.
((اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ)).
ادخلوا النار واصلوا جحيمها وذوقوا حرها؛ عقاباً لكم على تكذيبكم وكفركم.
((الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)).
يوم القيامة يطبع الله على أفواه الكفار فلا يتكلمون، وإنما تتكلم أيديهم بما اجترحت، وتشهد عليهم أرجلهم بما مشت إليه وعملته من خطيئة.
((وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ)).
ولو شاء الله لأعمى أبصار الكفار مثلما ختم على أفواههم فتسابقوا وأسرعوا إلى الصراط ليمروا من فوقه، فكيف يستطيعون المرور وقد أعمى الله أبصارهم؟
((وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ)).
ولو شاء الله لغير خلق الكفار وبدل أشكالهم وأقعدهم في أماكنهم، فلا يستطيعون المشي إلى الأمام ولا الرجوع إلى الخلف، وإنما يبقون حائرين مبهوتين.
((وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ)).
ومن أطال الله عمره حتى يدركه الهرم والخرف رده إلى أول مراحل العمر في ضعف العقل وضعف الجسم كأنه طفل، أفلا يفكرون بعقولهم فيعلموا أن من فعل ذلك بخلقه قادر على إحيائهم من قبورهم؟
((وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ)).
وما علم الله رسوله صلى الله عليه وسلم الشعر وليس له أن يكون شاعراً؛ لأن الشاعر يهيم في أودية الباطل ويبالغ ويذهب وراء الخيال وقد يكذب، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فهو نبي معصوم صادق مصدق زكى الله سمعه وبصره وقلبه، فلا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وما الوحي الذي أتى به إلا ذكر لأصحاب العقول السليمة والفطر القويمة، والقرآن الذي نزل عليه مبين لأحكام الشريعة وآدابها وأخلاقها.
((لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ)).
ليخوف النبي بالقرآن من كان حي القلب نير البصيرة مستقيم الفطرة، ويكتب الله عذابه على من كفر به؛ لأن الله أقام عليهم الحجة بإنزال الكتاب وإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم فانقطع عنهم العذر.
((أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ)).
أولم ير الناس أن الله خلق لهم أنعاماً سخرها لمصالحهم؟
فهم مالكون أمرها متصرفون فيها تفضلاً منه وإحساناً.
((وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ)).
وسخر الله للعباد هذه الأنعام، فمنها ما يأكلونه، ومنها ما يحلبونه، ومنها ما يركبونه، ومنها ما يحملون عليه أمتعتهم؛ فسبحان من أنعم بها على عباده وذللها لهم.
((وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ)).
وللناس منافع كثيرة في الأنعام، كالانتفاع باللحم واللبن والصوف والوبر والشعر، أفلا يشكرون الله على هذه النعم بإخلاص العبادة له ولزوم طاعته؟
افتراضي
((وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ)).
ويقول الكفار مستبعدين منكرين: متى تقوم القيامة إن كنتم -أيها المؤمنون- صادقين في قولكم بقيامها فأخبرونا بوقتها؟
((مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ)).
ما ينتظر الكفار الذين يستبعدون القيامة إلا نفخة الهول الأكبر عند قيام الساعة فتهلكهم على غرة وهم يختصمون في أمور الدنيا.
((فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ)).
فلا يستطيع الكفار عند النفخ في الصور أن يوصوا ذريتهم وقرابتهم بشيء لضيق الزمان وهول الواقعة، ولا يستطيعون العودة إلى أسرهم في بيوتهم، بل يدركهم الموت وهم في طرقاتهم وأسواقهم.
((وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ)).
ونفخ الملك في القرن النفخة الثانية فعادت الأرواح إلى الأجساد، وقاموا من قبورهم إلى موقف الحشر مسرعين. ((قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ)).
قال الكفار وقد أصابتهم الحسرة والندامة: يا خيبتنا ويا هلاكنا، ما الذي أخرجنا من قبورنا؟
فيقال لهم: هذا ما سبق أن وعد به الرحمن الذي لا يخلف الميعاد، وسبق أن أخبر به الرسل، وقد صدقوا فيما أخبروا.
((إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ)).
ما احتاج بعث الناس من القبور إلا إلى نفخة واحدة في القرن، فإذا كل البشر واقفون للجزاء والسؤال.
((فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)).
في هذا اليوم يكون الجزاء بالعدل، ولا تظلم نفس بنقص الحسنات ولا بزيادة السيئات، ولا يقع الجزاء إلا بما عمل العبد أو كان سبباً في هذا العمل من خير أو شر.
((إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ)).
إن أهل الجنة مشغولون عن غيرهم بالتنعم بألذ عيش وأجل نعمة وأتم سعادة، وهم مسرورون في قرة عين وأمن وبهجة وحبور.
((هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ)).
أهل الجنة يتنعمون هم وزوجاتهم تحت ظلال وارفة على أسرة جميلة مريحة.
((لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ)).
لأصحاب الجنة في الجنة أصناف الفواكه الشهية من كل نوع، ولهم فيها كل ما يشتهون ويسألون من سائر الطيبات.
((سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ)).
ولهم فوز أعظم وكرامة أجل حين يكلمهم الرحمن الرحيم، فيحييهم بالسلام عليهم من الله الذي أنعم عليهم ورحمهم وصرف عنهم العذاب، فيا قرة عيونهم.
((وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ)).
ويقال للكفار في يوم الحشر: انفصلوا عن المؤمنين ولا تختلطوا بهم، فلكم حال ولهم حال.
((أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)).
ويقول الله لمن كفر من عباده يلومهم ويبكتهم: ألم أوجب عليكم لما أنزلت من كتبي على رسلي ألا تعبدوا الشيطان ولا تطيعوه؟
إنه عدو لكم بين العداوة شديد البغض.
((وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)).
وأوجبت عليكم توحيدي وإفرادي بالعبودية وإخلاص الطاعة لي، وهذا هو الطريق القويم والصراط المستقيم الموصل إلى رضوان الله وجنته.
((وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ)).
ولقد أغوى الشيطان عن الإيمان بشراً كثيراً، أفما كان لهم من عقول يفكرون بها وتنهاهم عن الغواية.
((هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)).
هذه النار الموقدة أمامكم التي سبق أن وعدتم بها في الدنيا إذا كفرتم وكذبتم.
((اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ)).
ادخلوا النار واصلوا جحيمها وذوقوا حرها؛ عقاباً لكم على تكذيبكم وكفركم.
((الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)).
يوم القيامة يطبع الله على أفواه الكفار فلا يتكلمون، وإنما تتكلم أيديهم بما اجترحت، وتشهد عليهم أرجلهم بما مشت إليه وعملته من خطيئة.
((وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ)).
ولو شاء الله لأعمى أبصار الكفار مثلما ختم على أفواههم فتسابقوا وأسرعوا إلى الصراط ليمروا من فوقه، فكيف يستطيعون المرور وقد أعمى الله أبصارهم؟
((وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ)).
ولو شاء الله لغير خلق الكفار وبدل أشكالهم وأقعدهم في أماكنهم، فلا يستطيعون المشي إلى الأمام ولا الرجوع إلى الخلف، وإنما يبقون حائرين مبهوتين.
((وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ)).
ومن أطال الله عمره حتى يدركه الهرم والخرف رده إلى أول مراحل العمر في ضعف العقل وضعف الجسم كأنه طفل، أفلا يفكرون بعقولهم فيعلموا أن من فعل ذلك بخلقه قادر على إحيائهم من قبورهم؟
((وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ)).
وما علم الله رسوله صلى الله عليه وسلم الشعر وليس له أن يكون شاعراً؛ لأن الشاعر يهيم في أودية الباطل ويبالغ ويذهب وراء الخيال وقد يكذب، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فهو نبي معصوم صادق مصدق زكى الله سمعه وبصره وقلبه، فلا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وما الوحي الذي أتى به إلا ذكر لأصحاب العقول السليمة والفطر القويمة، والقرآن الذي نزل عليه مبين لأحكام الشريعة وآدابها وأخلاقها.
((لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ)).
ليخوف النبي بالقرآن من كان حي القلب نير البصيرة مستقيم الفطرة، ويكتب الله عذابه على من كفر به؛ لأن الله أقام عليهم الحجة بإنزال الكتاب وإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم فانقطع عنهم العذر.
((أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ)).
أولم ير الناس أن الله خلق لهم أنعاماً سخرها لمصالحهم؟
فهم مالكون أمرها متصرفون فيها تفضلاً منه وإحساناً.
((وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ)).
وسخر الله للعباد هذه الأنعام، فمنها ما يأكلونه، ومنها ما يحلبونه، ومنها ما يركبونه، ومنها ما يحملون عليه أمتعتهم؛ فسبحان من أنعم بها على عباده وذللها لهم.
((وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ)).
وللناس منافع كثيرة في الأنعام، كالانتفاع باللحم واللبن والصوف والوبر والشعر، أفلا يشكرون الله على هذه النعم بإخلاص العبادة له ولزوم طاعته؟
((وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ)).
واتخذ الكفار من دون الله أصناماً وأوثاناً يعبدونها رجاء نصر هذه الآلهة لهم والدفاع عنهم.
((لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ)).
لا تقدر هذه الأصنام والأوثان على نصرة من عبدها كما أنها لا تنتصر لنفسها، والكفار مع ما يعبدون من الأصنام والأوثان محضرون عند الله للعذاب وعندئذ يتبرأ بعضهم من بعض.
((فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ)).
فلا يحزنك -أيها النبي- قول الكفار من التكذيب والاستهزاء والسخرية، إن الله يعلم ما أخفوا وما أظهروا وما أسروا وما أعلنوا، وسوف يحاسبهم على ذلك.
((أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ)).
أولم ير الإنسان الجاحد ليوم القيامة والبعث بعد الموت كيف ابتدأ الله خلقه من نطفة، ثم ترقت به أحوال الخلق حتى صار رجلاً فتحول إلى جاحد معاند كثير الخصومة شديد الجدال؟
((وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)).
وضرب المنكر الجاحد لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم مثلاً لا يجوز له أن يضربه؛ لأنه جعل قدرة الرحمن كقدرة الإنسان وأغفل أصل نشأته هو، فقال منكراً للبعث من يحيي العظام إذا بليت وتفتت؟
((قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)).
فأجب هذا الجاحد -أيها النبي- وقل له: يحيي هذه العظام بعدما تبلى وتتفتت الذي أنشأها أول مرة، والإحياء بعد الموت أهون من الإنشاء من العدم، وهو سبحانه عالم بجميع خلقه لا يخفى عليه من أقوالهم ولا أعمالهم شيء.
((الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ)).
الله الذي أخرج من الأشجار الخضر الطرية الندية الرطبة ناراً محرقة موقدة، فانظر كيف جمع بين الضدين جل في علاه، فإذا الناس يوقدون النار من الشجر الأخضر، فمن هذا فعله فهو قادر على إخراج الضد من الضد، وفي هذا برهان على قدرة الله في إحياء الموتى من قبورهم.
((أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ)).
أو ليس الله الذي خلق السموات والأرض وما فيهما وما بينهما لقادر على أن يخلق مثلهم فيعيدهم كما أنشأهم أول مرة؟
بلى إنه سبحانه قادر على ذلك، وهو الخلاق لكل مخلوق بحكمة وإتقان، العليم بخلقه المطلع على سرهم وعلانيتهم لا تغيب عنه غائبة.
((إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)).
إنما أمر الله إذا أراد أن يفعل شيئاً أو ينفذ أمراً أو يخلق خلقاً أن يقول له: (كن) فيكون، ومن ذلك الخلق والتقدير والحياة والموت والبعث والنشور.
((فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)).
فتنزه الله عن أقوال المشركين وتقدس عن العيب وتعالى عن العجز والإشراك به، فهو المالك لكل الكائنات، المصرف لكل المخلوقات، المقدر لكل الحادثات، فلا ينازعه في الخلق أحد ولا يشاركه في الحكم بشر، بهرت معجزاته، وظهرت آياته، وكملت قدرته، وتمت نعمته، وإليه يعود العباد يوم المعاد؛ ليجازيهم على كل صلاح وفساد.